ديمًا كنت بعتبر الحياة عبثية لا يكمل منطقها إلا الموت أو سوناتا ضوء القمر حق بتهوفن. ولكن كما يوحي عنوان المقال فأنا بقيت مقتنع تمامًا إن أفضل حل لمواجهة عبثية الحياة وفقدان الشغف اللاحق لكل أنواع الخذلان المتعاقب علينا واللي بيبقى أوقات كتيرة يصعب التعافي منه، هي المقامرة. ولكن المقامرة مع الحياة.
صمت الوحدة العنيد
في هدوء الليل (لا مش هو الصامد المغامر ولا حاجة) بتلاقي نفسك بتشرب أي حاجة ليها تأثير على عقلك، في أحسن الحالات، زي القهوة. وبتبص للسما اللي لو حظك حلو تكون صافية وتلقي نظرة متفحصة على النجوم متنهدًا في ليلك وحيدًا مش لاحق حتى إنك تسأل النجوم، ليه الأمور وصلت للمرحلة دي؟ مش لأنك عارف ولكن لأن دموعك بتلحق كلامك وتبادر في النزول. الدموع دي من فرط التفكير اللي بيصاحبه عجز عن العثور على حل أو على الأقل مغزى من اللي بيحصل.
هنا بتبدأ رحلة الاقتناع، بما أدركناه مسبقًا سواء بالذهن أو بالحواس، إنه بالفعل لا يوجد أي منطق أو مغزى ممكن نصبّر نفسنا بيه. مهما كان في البداية يبدو أن الحياة منطقية ولكن منطقها يتناسب عكسيًا مع مدى إدراكك لجوانب حياتك.
بعضنا بيجد الهدوء وسط الحياة المستقرة، والبعض الآخر بيحس براحة وسط فوضى الحياة إلا إنه قادر (أو حابب) يهندل دا، بيجد فيها شيء من التسلية. ولكن أيًا كانت رؤيتك المثالية للحياة، في يوم ما بتختار الحياة تسلبك حياتك تدريجيًا بلا أي منطق سواء كنت مدرك لعبثيتها أو لا.
إدراك على مدخل التيه
مقامرة مع الحياة
وهنا بتيجي احتمالية المكسب مع المقامرة رغم الشغف المفقود على أنه حل لا بأس بيه ووفق نظرية الاحتمالات فيوجد نسبة مش كبيرة ولكنها مش صغيرة إننا ممكن ننال بعض الحاجات من الحياة. مقتنعين تمام الاقتناع أننا مش هنقدر نغلب الحياة ولو اتكتب علينا نكون خاسرين في النهاية فليه لا منصنعش بعض الانتصارات. حتى وإن كانت نسبة الخطر عالية في المقامرة ولكن مع بعض التخطيط القليل هنزود نسب فوزنا، تخطيط مش هنقعد نفكر فيه كتير أوي ويعطلنا أو إننا هنخاف من عامل الخطر فهنقرر نبعد عن الحياة ونرجع للزاوية المنغلقة على ذاتها ونقعد نعاني ويلات ذاتنا.
وربما أن تهرب من حزنك لوحدتك التي تجد فيها الونس بين أرفف الكتب القديمة، وايقاع البيانو البطيء والضوء الخافت المُركز شعلته علي صفحة تقرأها تبحث فيها عن هدوء صخبك، مستقر لأفكارك أو مجرى لدمع عيونك الحزينة هي وسيلة لمعالجة الحزن المدفون، أحيانًا لسنين طويلة. ولكن هناك دموع فرح في ذات الحياة المنطلقة الغير آبهة بوجودنا، يومًا ما ستجني ثمار مقامرتك معها، ثمار حزنك على من واراه التراب، صديقك الذي قرر الابتعاد، علاقتك العاطفية المستحيلة التي قررت الانجراف فيها وانتهت، وفرصك الضائعة مهما حاولت التشبث بها.
Comments
Post a Comment