Skip to main content

" من منهن الأكثر جمالا !.. "


أطل الصباح علي هذا اليوم بتفاحة، وقطعتان من بسكويت العيد التي ما تزال علب أمي هنا تمتلئ به رغم النقصان، وفنجان قهوة لذيذ كما العادة إنتهيت منه بسرعة، ولم تكن هناك أي أعمال صباحية تستحق الذكر، فوجدت نفسي متفرغة لأجلس أمام المرآة: أمشط شعري أو ربما أفكر.
وحينما كدت أن أنتهي من أمر أقوم به يوميا، وأحول عيني عن صورتي في المرآة التي لا يمضي علي يوم دون أن أتطلع إليها. لم أنتبه لعقلي إلا وهو غارقا مع بشرتي ذات الطبيعة النمشية وشعري الأسود المسحوب، ويطرح عليهما سؤالا واضحا كنور الصباح:
                     (إلى أي مدى أنا جميلة؟!)
ولما كان هذا السؤال كان وما زال يحتل الأولوية لدى المرأة، تداعت إلى رأسي صورة المرأة الجميلة عند العرب قديما، ثم صورة المرأة في أوروبا مع ظهور الموضة وتطورها عقد بعد عقد. والإختلاف العميق بين فلسفة كل منهما عند شعوب كلا الثقافتين، وكيف أن هذا الإختلاف لم يلغي صورة الآخر، بل أعطى له طابعه ولونه.

وكأفضل حل بوسعي، رحت أفتش عن آراء الفلاسفة القدماء. فأجبت على نفسي بتعريف "أفلاطون" قائلة:
(أن الجمال هو الحب الإلهي؛ ذلك لأن موضوع الحب هو الجمال.)
ثم أتممته بتعريف "سقراط": (لا جمال قد يخلو من أخلاق.)
وبدا أن هذين التعريفين كافيين جدا ليضعا لي معالم الشئ الذي أريد أن أبلغه.
فلا يخلو يوم من رؤية امرأة جميلة في التليفزيون أو على الإنستجرام أو من حولنا في الطرقات، حتى بات من لا يملك الجمال يدعي الجمال، إنما ما لنا أن نطلق على كل ذلك إلا صورا جميلة فقط؛ ففي كثير من الأحيان تخدعنا الصور ونركض خلفها آملين منها أن تثلج الأسئلة بداخلنا، وتضل بنا!.

وتسعى دور التجميل والمجلات الخاصة بالمرأة أن تميز جمال عن آخر بوضع شروط تخص الجسم والتعليم والمظهر والمكانة التي تصنعها المرأة لنفسها بثقافتها وعملها. فبين حين وآخر يتم الإختلاف على الطول واللون والشعر، لكن ما يلاقى القبول دائما هو تعليم المرأة وثقافتها ومظهرها اللائق ومدى قبولها من الآخرين.
فانعكس ذلك أمامنا على ممثلات السينما بصورة واضحة في إختلاف إحداهما عن الأخرى. من "فاتن حمامة" إلى "يسرا" إلى "هند رستم" إلى "زبيدة ثروت" وغيرهن.

ومع ذلك يسعى العالم دائما بين آلالاف الصور المختلفة والجميلة من النساء إلى طرح سؤال:
           (من هي المرأة الأكثر جمالا بالعالم؟! )

فالناس بطريقة طفولية يريدون دائما معرفة تلك التي تفوقت على كل الأخريات بما تملك، ك"ديانا" بصورتها الجميلة وحبها الغير محدود الذي وهبته لسكان العالم و "أوردي هيبورن" بطيبتها التي لم تكرر وهي تضع يدا في العمل ويدا في مساعدة الآخر.
ومن أجل هذه النقطة، وأمام ما تسعى دور التجميل بتغييره
عام بعد آخر، أستطيع الآن أن ألمس أشياء أبعد وأصدق من صورة المرأة وهي الصدق، والميول نحو الخير، والنقاء والشجاعة في بعض الأحيان. 

فالطبيعة بخضرتها وأنهارها هي أذكي مثال على ذلك، لا نستطيع أن نحبها ونستسلم إليها لو لم نرى الفضيلة والجمال كلاهما مجسدا فيها. وإننا ما نركض وراء الجمال إلا لأننا نحب الفضيلة المجردة من قبح البشر. لذلك ليس هناك جوابا للسؤال الذي يمكن أن تطرحه أي فتاه أو امرأة نفسها، أو يطرحه العالم على نساءه أفضل من التعريف الذي وضعه  كلا من أفلاطون وسقراط قبلا:
بأن (الجمال هو الحب الإلهي؛ ذلك لأن الحب هو موضوع الجمال..
ولا جمال قد يخلو من أخلاق!. )




Comments

  1. Titanium Screwdriver | Sticks & Blades | TITANO®
    Sticks micro titanium trim & Blades, Inc. 3 Pack These classic stainless steel and forged zinc plates titanium vs ceramic flat iron are titanium piercing jewelry the hallmark of our new craftsmanship. หาเงินออนไลน์ Silver and Bronze titanium nail (Copper, Copper, Silver)

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

كف الحياة المقامر

  ديمًا كنت بعتبر الحياة عبثية لا يكمل منطقها إلا الموت أو سوناتا ضوء القمر حق بتهوفن. ولكن كما يوحي عنوان المقال فأنا بقيت مقتنع تمامًا إن أفضل حل لمواجهة عبثية الحياة وفقدان الشغف اللاحق لكل أنواع الخذلان المتعاقب علينا واللي بيبقى أوقات كتيرة يصعب التعافي منه، هي المقامرة. ولكن المقامرة مع الحياة. صمت الوحدة العنيد في هدوء الليل (لا مش هو الصامد المغامر ولا حاجة) بتلاقي نفسك بتشرب أي حاجة ليها تأثير على عقلك، في أحسن الحالات، زي القهوة. وبتبص للسما اللي لو حظك حلو تكون صافية وتلقي نظرة متفحصة على النجوم متنهدًا في ليلك وحيدًا مش لاحق حتى إنك تسأل النجوم، ليه الأمور وصلت للمرحلة دي؟ مش لأنك عارف ولكن لأن دموعك بتلحق كلامك وتبادر في النزول. الدموع دي من فرط التفكير اللي بيصاحبه عجز عن العثور على حل أو على الأقل مغزى من اللي بيحصل.    هنا بتبدأ رحلة الاقتناع، بما أدركناه مسبقًا سواء بالذهن أو بالحواس، إنه بالفعل لا يوجد أي منطق أو مغزى ممكن نصبّر نفسنا بيه. مهما كان في البداية يبدو أن الحياة منطقية ولكن منطقها يتناسب عكسيًا مع مدى إدراكك لجوانب حياتك. بعضنا بيجد...

لن أعيش في جلباب أبي -- الرواية و الدراما

أول ما تسمع جملة " لن أعيش في جلباب أبي" هييجي تلقائيا في دماغك " عبغفور و فاطنة" 😂 .. ومع حبي الشديد للمسلسل اللي    من وجهة نظري ميتزهقش منه قولت أقرا الرواية واشوف هي هتبقي زي المسلسل ولا لا لن أعيش في جلباب أبي - الرواية الرواية تأليف كاتب الحب والحرية " احسان عبد القدوس" اتكتبت سنة 1982 صدرت عن مكتبة غريب .. تناولت بشكل سطحي جدا حياة المليونير العصامي البخيل " عبد الغفور البرعي" . أولا: الرواية فيها كم غلطات رهيبة في الاسماء مره تلاقي ابن عبد الغفور الكبير اسمه عبد الستار والمرة التانية تلاقيه عبد السلام (وهو اساسا شخصية لا وجود لها ولا تأثير في الرواية ).. (أمينة) البنت الامريكية اللي اسلمت مرة تلاقيها اسمها روزماري ومرة روزالين ..  ثانياً: حياة عبد الوهاب البرعي واللي كان طول الوقت الكاتب بيحاول يوصل للقارئ اد ايه انه غريب شاب يكون في سنه وملهوش اي علاقات نسائية وكأن الطبيعي في مصر العلاقات الكتير قبل الجواز.. ثالثاً: حياة نظيرة البرعي واللي المفروض كل يوم بتروح تقعد مع حسين في بيته وتروح من عنده متأخر ...

عن العلم السلفي ونقد الدحيح

منذ فترة طويلة تتجاوز سنوات ونحن نعاني من التحريف، الاقتباس المشوه، والانتقاء في كل الجوانب العلمية. نعم هي تحديدًا كلمة الانتقاء، من منا لم يسمعها سابقًا؟ عليك أن تنتقي مصادرك المعرفية، العلمية، الثقافية...... إلخ. أعتقد أنه مع الاختلاف الشديد بين المراحل العمرية إلا أنه على الأقل جيل الثلاثينات والأجيال التالية له جميعهم يسمعون هذه الترهات. بالرغم من كوننا في عام 2019 إلا أننا نجد من يملي علينا هذه الترهات الآن. فها هو إياد قنيبي يخرج علينا عبر صفحاته على شبكات التواصل الاجتماعي ليقول لنا لا تشاهدوا الدحيح – وهذا الاسم شهره لأحمد الغندور الذي يقدم محتوى علمي ترفيهي – هذا الملحد المروج للإلحاد. عليكم أن تسمعوا صوت الحق، وهو صوتي أنا، صوت الدين، وهو صوتي أنا. في بداية الأمر لم أكن أود أن أشاهد هذه الفيديوهات – والتي بالمناسبة ليست المرة الأولى التي نجد فيها أحد ما يبحث وراء خلفية الدحيح الدينية سواء كان متدين أم لا ديني – ولكني لم أهتم بهذه الفيديوهات إلا حينما وجدت عدد كبير من أصدقائي يتشاركونه على شبكات التواصل. حسنًا بدأت المشاهدة، يظهر أمامي رجل يعتلي وجهه ابتسامه غر...