Skip to main content

Posts

" من منهن الأكثر جمالا !.. "

أطل الصباح  علي هذا اليوم بتفاحة، وقطعتان من بسكويت العيد التي ما تزال علب أمي هنا تمتلئ به رغم النقصان، وفنجان قهوة لذيذ كما العادة إنتهيت منه بسرعة، ولم تكن هناك أي أعمال صباحية تستحق الذكر، فوجدت نفسي متفرغة لأجلس أمام المرآة: أمشط شعري أو ربما أفكر. وحينما كدت أن أنتهي من أمر أقوم به يوميا، وأحول عيني عن صورتي في المرآة التي لا يمضي علي يوم دون أن أتطلع إليها. لم أنتبه لعقلي إلا وهو غارقا مع بشرتي ذات الطبيعة النمشية وشعري الأسود المسحوب، ويطرح عليهما سؤالا واضحا كنور الصباح:                       (إلى   أي مدى أنا جميلة؟!) ولما كان هذا السؤال كان وما زال يحتل الأولوية لدى المرأة، تداعت إلى رأسي صورة المرأة الجميلة عند العرب قديما، ثم صورة المرأة في أوروبا مع ظهور الموضة وتطورها عقد بعد عقد. والإختلاف العميق بين فلسفة كل منهما عند شعوب كلا الثقافتين، وكيف أن هذا الإختلاف لم يلغي صورة الآخر، بل أعطى له طابعه ولونه. وكأفضل حل بوسعي، رحت أفتش عن آراء الفلاسفة القدماء. فأجبت على نفسي بتعريف "أفلاطون" قائلة: ...

ما بين روحية الكلمات ونغم المقامات

الشيخ مصطفى إسماعيل في ختام صيام يوم رمضاني، واقفًا أمام الراديو في وسط غرفة المعيشة بينما يستعد جميع أفراد الأسرة للإفطار، مستمعًا "لقرآن المغرب" تحديدًا حينما بدأ القارئ في تلاوة أجزاء من سورة آل عمران " فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ". حينها وجدت لحظة صمت تلاها انفجار من الإعجاب. في الواقع كانت لحظة تمتلئ بمشاعر عدة، فقد امتلأت عيني أمي بالدموع، وانضم جدي للمستمعين والحاضرين لتلاوة القارئ قائلًا "الله" بفرط من النشوة والإجلال في ذات الوقت. بينما لم يبهرني وقتها سوى ردات الفعل تلك، وكذلك الحاضرين أمام القارئ وهم ينفعلون في ختام كل آية. غير مدرك سبب ذلك الانفعال، وكذلك انفعال جدي وخشوع أمي. أوليس هذان ضدين؟ فبادرت بسؤال جدي عن اسم القارئ وقد كان الشيخ أبو العنين شعيشع، وفي الفترة الضيقة قبل ال...

"القصة"

خلا المنزل من الضوضاء تماماً.. مسحت "صوفيا" الطاولة وقامت بترتيب الفوضىٰ التي أحدثها إفطار الصباح،  ثُم وهي تتمدد علىٰ مِقعد خشبي موازٍ لشرفة الصالون قامت بوضع إسطوانة في الكاسيت بجانبها ليعلو صوت الشيخ إمام "وهبت عُمري للأمل ولا جاشي.." إبتسمت، وأغمضت عينيها لتشعر بنفسها وقد إنسحبت من واقعها، وروحها تتطاير مع صوت "الشيخ إمام". عمت السكينة المكان حولها وبدأت تشعر أنها تغوص في نوم عميق، عندما قطع هدوء المكان فجأة صراخ يأتي من الشرفة "ياأم حسن إقفلي الحنفية الجنينة هتغرق .. إقفليها بسرعة" في هذه الأثناء فتحت صوفيا عينيها ليعيدها صراخ أبو حسن إلىٰ الواقع مرةً أخرىٰ، ثم وهي تنتفض من علىٰ مقعدها وتتجه نحو البلكونة أخذت تسب الحظ الذي جعلها تأخذ الدور الأول من عمارة تشتمل على 12 دور لتسمع صراخ أبو حسن مع أم حسن كل يوم ونمهما الذي لا ينقطع عن سكان هذه العمارة. ألقت نظرة علىٰ ما يحدث في الخارج، ففوجئت بأبو حسن البواب حاملاً خرطوم المياه ويرش حديقة العمارة الأمامية وأم حسن تأتي جرياً من الداخل ممسكة بابنها بكامل مِعصمها لترد له الصراخ: "إنت...

"قضبان الحقيقة"

كُنت قد شاهدت فيلمًا أمريكياً مُنذ فترة ليست بطويلة البطلة به فاقدة للذاكرة. يأتي النهار عليها وزوجها كل يوم، فتفنجل عينيها غير مدركة من هي ولا أين تكون.  ثم لا يلبث زوجها أنْ يستيقظ، حتىٰ يُهدئها ويُحاول أن يقنعها أن هذه هيٰ حياتها وأنهما زوجان منذ فترة طويلة عارضًا لها ألبوم الصور الخاص بهما. وتتوالي النهارات عليها وزوجها كل يوم بهذه الطريقة، إلىٰ أن يظهر شخصًا ما بحياتها ليثبت لها بوسيلة ما أن تلك الحياة التي تحياها ليست لها، وذلك الشخص الذي يدّعي أنه زوجها هو المسئول عن فقدان ذاكراتها وما وصلت إليه، وأن هناك ابنًا وزوجًا في مكان آخر وحياة أخرىٰ هي حياتها الحقيقية، وعليها أن تبذل الجهد حتىٰ تخرج من الحياة التي وضعها شخصًا غريبًا رغمًا عنها به تحت مُسمىٰ الحب والزواج. وعلىٰ الرغم من أن الفيلم يحكي قصة عادية لامرأة ما، إلّا أنني وفي إحدى المشاهد أستوقفت أمام الطريقة التي صنع بها المخرج القصة، ولا أدري حقيقةً إن كان هو يقصد ذلك أم لا لكنّ الصورة التي ظهرت بها الأيام تجري بعضها وراء بعضًا الواحدة تلو الأخرىٰ لتكوّن سنينًا مضت، وتوحي بأخرىٰ بإستطاعتها أن تمضي سريعًا. ومن جه...

نظرية العلوقية والشمسية

ممكن نختلف كتير عن المعنى الفعلي لكلمة "علوقية" ولكن عمرنا ما هنختلف عن الشعور بالسعادة المرتبط بيها. أيوة فعًلا شعور بالسعادة. ممكن نستحضر موقف معين مرينا كلنا بيه، ونشوف أغلبنا بيتصرف ازاي: أنت: أنا النهاردة عندي مذاكرة كتير/ شغل خطير ولازم يخلص، فيه كويز بكرا والدكتور هياخد بيها ال attendance. أنت برضو لنفسك: صحابي حاجزين لعب كورة وعايز أخرج معاهم. أنت: صحابي بعد اللعب هيروحوا رحلة لمعمل سيرن (CERN) وهتبقى خروجة جميلة وهنشرب قصب سويسري. نفسك: يسطي احنا هنفتح نتفلكس ونتفرج على مسلسل حمادة عزو، دا لسه نازل وبيقولوا حلو. بنعمل ايه أول ما بنسمع الجملة دي في الظروف طالعة من جوانا؟ بالظبط، بنقعد على السرير ونشغل مسلسل، فيلم، أو حتى فيديوهات القطط اللي على اليوتيوب (وبصراحة هي ممتعة 😂). الغريب فعلًا إننا بمجرد ما ناخد القرار دا (قرار العلوقية) بنبقى خلاص أيقنا إننا مش فارق معانا حاجة. وبالتالي تلقائيًا بنعوض شعور تأنيب الضمير بالشعور بالسعادة. بمعنى إننا ممكن نشوف إن النوم على السرير ومشاهدة فيديوهات القطط أفضل من حتى علوقية من نوع تاني زي لعب الكورة أو الخ...

حديث الصباح والمساء -- بين الحياة والموت

سنة 1987 صدرت رواية حديث الصباح والمساء للكاتب العظيم نجيب محفوظ عن دار  الشروق وبعد اصدارها ب 14 سنة يعني سنة 2001 .. اشترك المخرج أحمد صقر مع الكاتب محسن زايد في صياغة الرواية واخراجها ك مسلسل تلفزيوني واللي حقق نجاح كبير جداً  حديث الصباح والمساء -- الرواية الرواية متقدمة بشكل مختلف متقسمة علي الي 67 شخصية مترتبين ترتيب أبجدي كل الشخصيات تربطهم علاقات ببعض سواء نسب او قرابة  الرواية مقدمة كل شخصية بشكل عبقري سواء من الوصف الجسدي او الشكلي او النفسي للشخصية وتأثير الظروف الاجتماعية والسياسية علي كل شخصية بطريقة عظيمة  والأعظم انه قدر يربط بين كل الشخصيات دي بدون سقطة او غلطة واحدة  ووصف يخليك كأنك شايف الشخصية وعايش معاها  الرواية بتمثل حقبة زمنية من بداية دخول الحملة الفرنسية لمصر وصولا لفترة حكم الرئيس السادات وبتبين بشكل حلو جدا ازاي  السياسة في مصر بتأثر علي الافراد وعلي الظروف الاجتماعية كان فيه شخصية هي الجوكر في الرواية شخصية "راضية" بنت "جليلة" والشيخ "معاوية القليوبي" واللي عاصرت كل الأجيال وتأثير كل ده عليها الر...

"صارت شتا"

وأخيراً  حلت الشتوية.. يافعة ومندفعة وجميلة من سماء بلدتنا لمرتها الأولىٰ هذا العام بغير توقف. في ليلة الثلاثاء، بال22 من أكتوبر، أقف كالمسحورة وسط شرفة المنزل، وسط الرياح والماء والبرق الذي ينير الدنيا فجأة ثم يتركها في ظلامها البائس، غير قابلة علىٰ التصديق، وقلبي يرقص كمن يُعاصر فرحاً. إنه عُرس الشتاء بالطبع!. يهطل المطر بغزارة وحيوية مُخلفاً رائحة الطبيعة في أجوائه، ومُعلناً عن ربيعاً آخر غير ذلك الذي تتفتح به الزهور ويخضر به الشجر. هذا ربيعاً للبرد والذكريات ورائحة الجوافة اللذيذة ولمذاق المشروبات الساخنة والملابس الصوفية. ربيعاً نختبئ به وراء النوافذ وبين أحضان البيوت. ... لم أكن وحدي اللفافة الكبيرة للدهشة بزخم المطر ورائحته في هذه الليلة، بل تفاجأ الكل تماماً كما مِثلي. خافت أُمي من أن يطيل هطوله وزخمه أكثر ولا يجد لمستنقعاته الصغيرة مكاناً ويهجم علينا، فقامت بإخلاء غرفة المعيشة وسلالم المنزل من كل متاعهم: الأحذية والمفارش الأرضية وما غير ذلك. وأبي بدوره أقبل علينا من نومه قائلاً: "أنّ الله غاضب علىٰ الناس بالتأكيد لينزل المطر بهذه الشدة." فالت...