لا أستطيع أن أنكر نظرة الاحترام التي يحظى بها المهندس في الأوساط العلمية والعملية، بل وحتى المجتمعية واليومية، فهو يشار إليه بالبنان سواء كان طالبًا أو حديث تخرج؛ ولا سيما لو كان استشاري. ومما لا شك فيه فإن المهندس يلاقي أهوال ما بعدها أهوال ليصبح خريج؛ من جهة الأساتذة أو المحتوى الدراسي صعب الفهم أو التقريب.
لا أدري، أكلَّ ما سبق يؤثر على طالب
الهندسة؟! تلك النظرة التي ترمقه أينما ذهب، مصاعب تحفّه وقتما درس، تسلط يلاقيه
من أساتذته. اعتقد أن كل ذلك يسترعى منا الانتباه أكثر بمنشأ الكائن المهندس؛ ألا
وهو الجامعة.
فبمجرد أن يبدأ ذلك الكائن أن ينضج،
ويكتسب الجرأة اللازمة لتجعله يتجول بحرية في أروقة الكلية، سرعان ما يكتشف أنه –
أنها – قد انغمس في بيئة – أو كما يحب الطلبة تسميتها محمية – ذكورية، تشعر فيها
الفتاة أنها في بؤرة الاهتمام، الذي تراه من الطلاب ذوي الأعين الثاقبة، تسمع
بأذنيها كلام كما لو خرج من فم منتشٍ، وإن شئت يمكنك تسميته صراحة بمتحرش.
نعم! فما تراه من ذلك الطالب، مثقل
الكاهل، في خارج الجامعة من همود وفتور يمكنك أن تنساه تمامًا حينما يدخل كليته
ويلتقي بأصحابه. فيبدؤون في عصر ذاكرتهم
ليس ذلك وحسب، بل يستطيع مهندسنا الشاب
أن يفرز تلك " الإناث "؛ أيهن غير مرتبط بعلاقة مع ذكر آخر، وأيهن
مرتبط. بل يمكنه أن يذكر "الذكور" المرتبطين بتلك "الإناث".
ولكن تلك الخاصية لا تزدهر إلا في التجمعات الذكورية لعدة جماعات، يحقق فيها
الكائن المهندس ذاته، يجد من يشاركه ذاكرته أو "تحرشه"، من يضيف إلى
معلوماته ويجعله على إطلاع دائم بمستجدات الكلية، وبالتأكيد يجد فيه من يشد على
ساعده ويسانده ليكمل مسيرته بين جدران الجامعة.
فهو ما ينفك أن يلتفت لكل أنثى تراها
عينيه حتى أثناء حديثه لك أو تناوله للغداء. وهذه النظرة بالتأكيد ليست نظرة إعجاب
أو إطراء، بل هي نظرة جنسية بحتة.
تلك اللهفة – وإن شئت سمها نشوة – التي
تراها في عين الكائن المهندس حينما ينظر "لأنثى" معينة؛ تدفعه دائمًا
لاسترجاع حوارات المراهقة عن الفتيات والممارسات الجنسية. فتجد جميع النقاشات تدخل
معه في حيز الجنس، يلمع في عينيه جنس، وبالتأكيد يملأ كلامه الجنس.
وهنا يمكننا أن نضيف – بكل بساطة – إلى
مهارات المهندس الفذة، مهارة التفنن في استخلاص الإيحاء الجنسي من أكثر الجمل
بعدًا عن تلك المنطقة. نعم، فهذا المهندس يسهر الليالي ليستنبط ذلك القانون، أو
يفهم تلك المسألة الرياضية، فحياته عبارة عن استخلاص في استخلاص.
وما أن يكتشف الإيحاء المناسب حتى ينقض
عليك في وسط كلامك يباغتك به معطيًا إياه اسمًا مقنعًا يعرف ب "الألش"،
يسوغ به كلامه ويكلله بقبول لدى الحضور الذين يشاركونه الحفلة. ولا يقتصر ذلك
"الألش" الجنسي على الطلاب فقط، بل يمكننا أن نرى معيدين أو أساتذة كبار
يستخدمونه بشكل مباشر، خاصة في الفصول ذات أغلبية ذكورية أو أحادية الجنس وهي –كما
ذكرنا – تكثر في كليات الهندسة.
وتعد أزمة أحادية الجنس تلك مشكلة
كبيرة؛ فبعد تجارب عديدة وجد العلماء أنه يحدث تحول كبير على مستوى الميول الجنسية
للكائن المهندس في منطقة معينة من دورة حياته. فالمهندس بعد أن يتجاوز مرحلة النضج
ويتمرس على كل تلك الإيحاءات الجنسية، يتذكر كونه في محمية ذكورية، فيصب جم
"ألشه" الجنسي على الذكور أمثاله – كما أسلفت. فتشعر حينها أن أنسب شيء
يمكنك أن تهادي به صديقك المهندس هو علم الرينبو "Rainbow".
حقيقة – عزيزي القارئ – لا أدري سبب كل
ما ذكرته، لا أعلم..
ربما ما ذكَرته
دراسة نشرت في مجلة " The
Journal of Sex Research"
من أن الاستجابة الجنسية تعتمد على آليتين رئيسيتين وهما " الكبح
والاندفاع" يفسر شيء. حيث عددت الدراسة أكثر من مقياس جزئي للتعبير عن كل
آلية. ففي حالة الكائن المهندس يمكننا استشفاف أن المهندس يحقق أقصى تناغم بين
هاتين الآليتين.
فالمقياس الأول الذي وضعته الدراسة
لحالة الإثارة والاندفاع هو المعاملات الاجتماعية كالتحدث مع إحدى الطالبات – أو
أي أنثى جذابة بشكل عام – أو المغازلة
مثلًا التي تتحول في الغالب إلى تحرش، بينما المقياس الأول أيضًا للمكابح الجنسية
يتركز في المخاوف المترتبة على ما قد يسببه الاندفاع من مشاكل كثيرة، وبالتأكيد
عند غياب تلك المخاوف يندفع المهندس اندفاعًا نحو هدفه بعجلة موجبة تزايدية.
ولكن حينما تشتد الرقابة وتكثر المشاكل
المترتبة على ذلك الاندفاع، يتحول من اندفاع مطلق إلى اندفاع مكبوح، يحول فيه
المهندس اندفاعه إلى "ألش" أو إيحاءات جنسية، تجاه جميع من حوله حتى
أصدقائه "الذكور"!
ولكن لننظر إلى الجانب المشرق، فكما
ذكرت إن من أهم العوامل التي أثرت في الكائن المهندس بشكل عام، وفي مقياسه
الاندفاعي بشكل خاص، هو طالبات كلية الهندسة –
مع ندرتهن – إلا أنهن جميلات جذابات. (على ما يبدو أنني في مراحل النضج
النهائية).
Comments
Post a Comment