Skip to main content

مرحبًا بكم في كلية الهندسة... حيث تنتشر الإيحاءات الجنسية



لا أستطيع أن أنكر نظرة الاحترام التي يحظى بها المهندس في الأوساط العلمية والعملية، بل وحتى المجتمعية واليومية، فهو يشار إليه بالبنان سواء كان طالبًا أو حديث تخرج؛ ولا سيما لو كان استشاري. ومما لا شك فيه فإن المهندس يلاقي أهوال ما بعدها أهوال ليصبح خريج؛ من جهة الأساتذة أو المحتوى الدراسي صعب الفهم أو التقريب.
لا أدري، أكلَّ ما سبق يؤثر على طالب الهندسة؟! تلك النظرة التي ترمقه أينما ذهب، مصاعب تحفّه وقتما درس، تسلط يلاقيه من أساتذته. اعتقد أن كل ذلك يسترعى منا الانتباه أكثر بمنشأ الكائن المهندس؛ ألا وهو الجامعة.
فبمجرد أن يبدأ ذلك الكائن أن ينضج، ويكتسب الجرأة اللازمة لتجعله يتجول بحرية في أروقة الكلية، سرعان ما يكتشف أنه – أنها – قد انغمس في بيئة – أو كما يحب الطلبة تسميتها محمية – ذكورية، تشعر فيها الفتاة أنها في بؤرة الاهتمام، الذي تراه من الطلاب ذوي الأعين الثاقبة، تسمع بأذنيها كلام كما لو خرج من فم منتشٍ، وإن شئت يمكنك تسميته صراحة بمتحرش.

نعم! فما تراه من ذلك الطالب، مثقل الكاهل، في خارج الجامعة من همود وفتور يمكنك أن تنساه تمامًا حينما يدخل كليته ويلتقي بأصحابه. فيبدؤون في عصر ذاكرتهم
لاستحضار دفتر الحضور لكل طالبة من طالبات الكلية على وجه الخصوص وبنات الجامعة بشكل عام. وسرعان ما تكتشف أن ذلك الطالب الذي يعاني من حفظ نظرية معينة، أو إثبات قانون معين، يمكنه أن يحصي جميع "الإناث" في حيزه المكاني – كحال أي مواطن مصري.
ليس ذلك وحسب، بل يستطيع مهندسنا الشاب أن يفرز تلك " الإناث "؛ أيهن غير مرتبط بعلاقة مع ذكر آخر، وأيهن مرتبط. بل يمكنه أن يذكر "الذكور" المرتبطين بتلك "الإناث". ولكن تلك الخاصية لا تزدهر إلا في التجمعات الذكورية لعدة جماعات، يحقق فيها الكائن المهندس ذاته، يجد من يشاركه ذاكرته أو "تحرشه"، من يضيف إلى معلوماته ويجعله على إطلاع دائم بمستجدات الكلية، وبالتأكيد يجد فيه من يشد على ساعده ويسانده ليكمل مسيرته بين جدران الجامعة.

فهو ما ينفك أن يلتفت لكل أنثى تراها عينيه حتى أثناء حديثه لك أو تناوله للغداء. وهذه النظرة بالتأكيد ليست نظرة إعجاب أو إطراء، بل هي نظرة جنسية بحتة.
تلك اللهفة – وإن شئت سمها نشوة – التي تراها في عين الكائن المهندس حينما ينظر "لأنثى" معينة؛ تدفعه دائمًا لاسترجاع حوارات المراهقة عن الفتيات والممارسات الجنسية. فتجد جميع النقاشات تدخل معه في حيز الجنس، يلمع في عينيه جنس، وبالتأكيد يملأ كلامه الجنس.
وهنا يمكننا أن نضيف – بكل بساطة – إلى مهارات المهندس الفذة، مهارة التفنن في استخلاص الإيحاء الجنسي من أكثر الجمل بعدًا عن تلك المنطقة. نعم، فهذا المهندس يسهر الليالي ليستنبط ذلك القانون، أو يفهم تلك المسألة الرياضية، فحياته عبارة عن استخلاص في استخلاص.

وما أن يكتشف الإيحاء المناسب حتى ينقض عليك في وسط كلامك يباغتك به معطيًا إياه اسمًا مقنعًا يعرف ب "الألش"، يسوغ به كلامه ويكلله بقبول لدى الحضور الذين يشاركونه الحفلة. ولا يقتصر ذلك "الألش" الجنسي على الطلاب فقط، بل يمكننا أن نرى معيدين أو أساتذة كبار يستخدمونه بشكل مباشر، خاصة في الفصول ذات أغلبية ذكورية أو أحادية الجنس وهي –كما ذكرنا – تكثر في كليات الهندسة.
وتعد أزمة أحادية الجنس تلك مشكلة كبيرة؛ فبعد تجارب عديدة وجد العلماء أنه يحدث تحول كبير على مستوى الميول الجنسية للكائن المهندس في منطقة معينة من دورة حياته. فالمهندس بعد أن يتجاوز مرحلة النضج ويتمرس على كل تلك الإيحاءات الجنسية، يتذكر كونه في محمية ذكورية، فيصب جم "ألشه" الجنسي على الذكور أمثاله – كما أسلفت. فتشعر حينها أن أنسب شيء يمكنك أن تهادي به صديقك المهندس هو علم الرينبو "Rainbow".
حقيقة – عزيزي القارئ – لا أدري سبب كل ما ذكرته، لا أعلم.. ربما ما ذكَرته دراسة نشرت في مجلة " The Journal of Sex Research" من أن الاستجابة الجنسية تعتمد على آليتين رئيسيتين وهما " الكبح والاندفاع" يفسر شيء. حيث عددت الدراسة أكثر من مقياس جزئي للتعبير عن كل آلية. ففي حالة الكائن المهندس يمكننا استشفاف أن المهندس يحقق أقصى تناغم بين هاتين الآليتين.

فالمقياس الأول الذي وضعته الدراسة لحالة الإثارة والاندفاع هو المعاملات الاجتماعية كالتحدث مع إحدى الطالبات – أو أي أنثى جذابة بشكل عام –  أو المغازلة مثلًا التي تتحول في الغالب إلى تحرش، بينما المقياس الأول أيضًا للمكابح الجنسية يتركز في المخاوف المترتبة على ما قد يسببه الاندفاع من مشاكل كثيرة، وبالتأكيد عند غياب تلك المخاوف يندفع المهندس اندفاعًا نحو هدفه بعجلة موجبة تزايدية.
ولكن حينما تشتد الرقابة وتكثر المشاكل المترتبة على ذلك الاندفاع، يتحول من اندفاع مطلق إلى اندفاع مكبوح، يحول فيه المهندس اندفاعه إلى "ألش" أو إيحاءات جنسية، تجاه جميع من حوله حتى أصدقائه "الذكور"!
ولكن لننظر إلى الجانب المشرق، فكما ذكرت إن من أهم العوامل التي أثرت في الكائن المهندس بشكل عام، وفي مقياسه الاندفاعي بشكل خاص، هو طالبات كلية الهندسة –  مع ندرتهن – إلا أنهن جميلات جذابات. (على ما يبدو أنني في مراحل النضج النهائية).

Comments

Popular posts from this blog

كف الحياة المقامر

  ديمًا كنت بعتبر الحياة عبثية لا يكمل منطقها إلا الموت أو سوناتا ضوء القمر حق بتهوفن. ولكن كما يوحي عنوان المقال فأنا بقيت مقتنع تمامًا إن أفضل حل لمواجهة عبثية الحياة وفقدان الشغف اللاحق لكل أنواع الخذلان المتعاقب علينا واللي بيبقى أوقات كتيرة يصعب التعافي منه، هي المقامرة. ولكن المقامرة مع الحياة. صمت الوحدة العنيد في هدوء الليل (لا مش هو الصامد المغامر ولا حاجة) بتلاقي نفسك بتشرب أي حاجة ليها تأثير على عقلك، في أحسن الحالات، زي القهوة. وبتبص للسما اللي لو حظك حلو تكون صافية وتلقي نظرة متفحصة على النجوم متنهدًا في ليلك وحيدًا مش لاحق حتى إنك تسأل النجوم، ليه الأمور وصلت للمرحلة دي؟ مش لأنك عارف ولكن لأن دموعك بتلحق كلامك وتبادر في النزول. الدموع دي من فرط التفكير اللي بيصاحبه عجز عن العثور على حل أو على الأقل مغزى من اللي بيحصل.    هنا بتبدأ رحلة الاقتناع، بما أدركناه مسبقًا سواء بالذهن أو بالحواس، إنه بالفعل لا يوجد أي منطق أو مغزى ممكن نصبّر نفسنا بيه. مهما كان في البداية يبدو أن الحياة منطقية ولكن منطقها يتناسب عكسيًا مع مدى إدراكك لجوانب حياتك. بعضنا بيجد...

لن أعيش في جلباب أبي -- الرواية و الدراما

أول ما تسمع جملة " لن أعيش في جلباب أبي" هييجي تلقائيا في دماغك " عبغفور و فاطنة" 😂 .. ومع حبي الشديد للمسلسل اللي    من وجهة نظري ميتزهقش منه قولت أقرا الرواية واشوف هي هتبقي زي المسلسل ولا لا لن أعيش في جلباب أبي - الرواية الرواية تأليف كاتب الحب والحرية " احسان عبد القدوس" اتكتبت سنة 1982 صدرت عن مكتبة غريب .. تناولت بشكل سطحي جدا حياة المليونير العصامي البخيل " عبد الغفور البرعي" . أولا: الرواية فيها كم غلطات رهيبة في الاسماء مره تلاقي ابن عبد الغفور الكبير اسمه عبد الستار والمرة التانية تلاقيه عبد السلام (وهو اساسا شخصية لا وجود لها ولا تأثير في الرواية ).. (أمينة) البنت الامريكية اللي اسلمت مرة تلاقيها اسمها روزماري ومرة روزالين ..  ثانياً: حياة عبد الوهاب البرعي واللي كان طول الوقت الكاتب بيحاول يوصل للقارئ اد ايه انه غريب شاب يكون في سنه وملهوش اي علاقات نسائية وكأن الطبيعي في مصر العلاقات الكتير قبل الجواز.. ثالثاً: حياة نظيرة البرعي واللي المفروض كل يوم بتروح تقعد مع حسين في بيته وتروح من عنده متأخر ...

عن العلم السلفي ونقد الدحيح

منذ فترة طويلة تتجاوز سنوات ونحن نعاني من التحريف، الاقتباس المشوه، والانتقاء في كل الجوانب العلمية. نعم هي تحديدًا كلمة الانتقاء، من منا لم يسمعها سابقًا؟ عليك أن تنتقي مصادرك المعرفية، العلمية، الثقافية...... إلخ. أعتقد أنه مع الاختلاف الشديد بين المراحل العمرية إلا أنه على الأقل جيل الثلاثينات والأجيال التالية له جميعهم يسمعون هذه الترهات. بالرغم من كوننا في عام 2019 إلا أننا نجد من يملي علينا هذه الترهات الآن. فها هو إياد قنيبي يخرج علينا عبر صفحاته على شبكات التواصل الاجتماعي ليقول لنا لا تشاهدوا الدحيح – وهذا الاسم شهره لأحمد الغندور الذي يقدم محتوى علمي ترفيهي – هذا الملحد المروج للإلحاد. عليكم أن تسمعوا صوت الحق، وهو صوتي أنا، صوت الدين، وهو صوتي أنا. في بداية الأمر لم أكن أود أن أشاهد هذه الفيديوهات – والتي بالمناسبة ليست المرة الأولى التي نجد فيها أحد ما يبحث وراء خلفية الدحيح الدينية سواء كان متدين أم لا ديني – ولكني لم أهتم بهذه الفيديوهات إلا حينما وجدت عدد كبير من أصدقائي يتشاركونه على شبكات التواصل. حسنًا بدأت المشاهدة، يظهر أمامي رجل يعتلي وجهه ابتسامه غر...